Preface

كان الكتـاب وسـيبقى قبلـة كل راغـب فى العلـم والمعرفـة ، واقتنـاؤه غايـة كل حريــص علــى تشــكيل الفكــر وإثــراء العقــل ، وهكــذا جــاءت رؤيــة مؤلـف هـذا الكتـاب الـذي أراد عبـر صفحاتـه أن ينقـل إلـى القارئ دروسـا مـن مسـيرته المهنيـة وتجربتـه الحياتيـة المتفـردة التـي تـروي رحلـة عطـاء لرجـل قانـون حقـق نجاحـا باهـرا بالمثابـرة والجهـد والشـغف بالعمـل.

لقــد اختــار الدكتــور فتحــي كميشــة عنوانــا مميــزا لســيرته الذاتيــة اسـتطاع مـن خلالـه أنـه يربـط بـن رحلـة مضـت - بـا حملتـه مـن نضـوج فكــري بعــد عمــر طويــل حافــل بالمواقــف - ومســتقبل آت بــا يحملــه مـن تطلعـات وآمـال. ولذلـك، فنحـن أمـام سـيرة ذاتيـة غيـر تقليديـة ولا نمطيـة يتعـرف عـن طريقهـا القـارئ علـى محـام عابـر للقـارات يسـرد لنـا حياتـه الفكريـة ورؤاه ونظرتـه إلـى الحيـاة مـن خـلل المواقـع التـي شـغلها والاماكـن الحيويـة التـي زارهـا وعمـل بهـا، فهـي ليسـت سـيرة عـن تطـور شـخص مـن الطفولـة إلـى الشـيخوخة، وإنـما هـي سـيرة عـن تطـور فكـره في المجـال القانونـي، ومـا أندرهـا في عالمنـا العربـي.

ويأخـذك المؤلـف في هـذا الكتـاب إلـى الغـوص معـه في أعمـاق شـخصيات قانونيــة لهــا قيمتهــا ومكانتهــا، كمــا ينقلــك عبــر الزمــان والــكان إلــى بيئــات قانونيــة متباينــة بختلــف أرجــاء المعمــورة وإلــى مواقــع يتشــوق رجـل القانـون إلـى التعـرف عليهـا عـن قـرب ليـدرك حقيقـة دورهـا ومـدى تأثيرهــا في الجتمــع الدولــي، ويكفينــا في هــذا التقــديم أن نشــير إلــى بعـض هـذه المواقـع والاماكـن لنـدرك ثـراء التجربـة وعظمتهـا، إذ نطالـع مسـيرة المؤلـف كمحكـم و محـام أمـام محكمـة العـدل الدوليـة بلاهـاي، وكأول أمـن عـام للمحكمـة الدسـتورية بمملكـة البحريـن، وكعضـو بلجنـة القانــون الدولــي للامم المتحــدة بجينيــف، وكرئيــس لمجلــس العقوبــات الخاصـة بكافحـة الفسـاد في إطـار البنـك الدولـي بواشـنطن.

لقـد سـاهم السـتاذ فتحـي كميشـة بأعمالـه في تكويـن الوعـي المسـتنير، وســاعد برأيــه الحــر في العديــد مــن القضايــا عبــر عقــود مــن الزمــن فـكان كاتبـا متفـردا ، وباحثـا متعمقـا ، ومحاميـا بارعـا ، ومفكـرا متحليـا برجاحــة العقــل.

وفي ختـام هـذه السـيرة المميـزة لا يوجـد مـا هـو أجمـل مـن عـودة صاحبهـا إلــى جــذوره بمدينــة القيــروان العتيقــة وانصرافــه إلــى زراعــة حديقتــه التــي يســتمر معهــا الغــرس والحصــاد تأكيــدا لقيــم العطــاء والاخــلص في العمـل.

الدكتور مفيد شهاب
أستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة رئيس جامعة القاهرة الاسبق وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق